
عند قراءة هذا العنوان قد تظن أنه كتب لجذب الانتباه، لكن ماذا لو قلت لك أن هذه الأخطاء العشرة في كتابة القصة صنفت من قبل “جولیس آرتر” أستاذ تقنيات القص في جامعة كاليفورنيا، الذي وجد بعد خمس عشرة سنة في تدريس الكتابة الإبداعية أن أكثر الأخطاء التي يكررها الطلاب في كتابة القصة القصيرة هي عشرة أخطاء، فما هي؟
1-إسهال التوضيح
كثرة التفاصيل في القصص ترهق القارئ، وتوهمه أن هناك أمرا ما وراء كتابتها، وعندما يبحث عنه لا يجده؛ فهي تفاصيل مجانية لا غاية لها ولا هدف لها.
وهذا الخطأ من أكثر الأخطاء الذي يقع فيه الكُتَّاب الشباب في أثناء تأليف باكورة أعمالهم الكتابية، ينشأ هذا الخطأ عندما يفشل الكاتب في تحريك الشخصيات داخل المشهد، لذلك يصف جميع حركات الشخصية بتفاصيل مملة، مظللة وغير نافعة.
2- حوارات بلهجات عامية
صحيح أن كتابة الحوارات باللهجة العامية يضفي على العمل القصصي الواقعية، لكن أيضا الإسراف في استخدام العامية بحوارات طويلة، مملة يضعف النص ويقيد جمهوره، وأحيانا يكون الحوار مجانيا لا يساهم بتطور الأحداث أو الكشف عن الشخصيات.
3-عدم وضوح الحدث
أحيانا تكون رؤية المشهد ضبابية، يربك القارئ، ولا يستطيع تحديد ما حدث بالضبط، علما أن المشهد واضح بذهن الكاتب، لكنه لم ينجح بإيصاله للقارئ.
تجنب ذلك؛ بإعادة كتابة المشهد ليصبح واضحا بسيطا سهل الفهم للقارئ.
4-عدم الانسجام
أحيانا تكون بعض عناصر القصة مبعثرة، فيكشف الكاتب عن مفاجأة في وسط القصة، لذلك تأتي النهاية باهتة، تشعر القارئ بالندم على ضياع الوقت في قراءة قصة بنهاية مبتورة.
لذلك اجعل جمل قصتك منسجمة، متسلسلة تنتهي بحدث المفاجأة الذي يترك الأثر عند القارئ.
5- أخطاء في صياغة الجمل
من أكثر أخطاء صياغة الجملة زيادة الكلمات دون وظيفة لها، أو اختصارات تفقد القصة المتعة والجمال، ولمعالجة هذا الخطأ؛ عليك عزيزي الكاتب تمييز الجملة السردية عن الجملة الوصفية وصياغة الجمل باحترافية عالية، خالية من الترهل والاختزال المخل.
6-الاستهلال وضعف الصراع
مهمة الاستهلال هو الإمساك بتَلَابِيب القارئ وجره معك إلى الصفحة التالية، ونفس الأمر تفعله في الصفحة التالية، والتي تليها. صفحة بعد أخرى إلى نهاية العمل.
لكن كيف يمكنك أن تفعل هذا وبطلك مستقر الحال، ولا يعاني من أي ضغوط، لذلك يُنصح بوضع البطل في مأزق، يخرج منه بصعوبة، ثم يكون في مأزق آخر، وهكذا إلى المأزق الذي يصعب على البطل تجاوزه، هذا المأزق تسميه الكاتبة الروائية “أنجيلا إلويل هنت” “أسوأ لحظة” The Bleakest Moment؛ إنها اللحظة التي تشعر فيها ككاتب أنك عاجز عن كتابة طريق الخروج من هذا البلاء الذي وضع فيه البطل.
لذلك؛ قصة ضعيفة الاستهلال، وتغيب عنها الصراعات التي تواجهه البطل، قصة لا قيمة لها، وهذه من أهم الأخطاء التي يقع فيها الكُتَّاب.
حاول إثارة وتشويق القارئ ليتابع معك رحلة القراءة.
7-مشكلة المنظور
هناك عدة أنواع لرواية القصة، ونتيجة عدم تمكن بعض الكُتَّاب من مميزات وعيوب كل منظور، يمكن أن تحدث مشاكل في رواية أحداث القصة. فمثلا يفضل الكُتَّاب المبتدئين رواية القصة على لسان البطل، لكنهم يسردون أحداثا لم يعايشها البطل، فيتساءل القارئ: كيف استطاع البطل معرفة ذلك؟
لذلك عزيزي الكاتب تعلم كيفية اختيار الراوي المناسب لقصتك، من خلال دراسة جميع أشكال المنظور ومزايا وعيوب كل منها، وتجنب أخطاء المنظور في كتابتك.
8- اقتل أحباءك.. هذا أسلم لروايتك
في البدايات، يعشق الكُتَّاب كلماتهم، وهذا الحب قاتل لموهبة الكاتب، خصوصا إذا تحول إلى تقديس لتلك الكلمات غير الناضجة، فيصبح التعديل والتحرير مسألة غاية في الصعوبة.
ولا يصل الكاتب إلى النضج إلا عندما “يقتل أحبائه” كما قال الكاتب البريطاني “آرثر كويلر كوتش”، ليكتشف فيما بعد أن حياة الكاتب الحقيقي تبدأ بقتل تلك المسودات الرديئة؛ ووَأْدها بالحذف والتحرير حولها إلى أسفار مسطرة في سجلات الخالدين.
9- لماذا علينا تجنب الأخطاء الإملائية والنحوية؟
ارتكاب الأخطاء في أثناء كتابة القصص أمر وارد وطبيعي، لكن من غير الطبيعي هو نشر أعمالك دون تدقيق. الأمر سيجعلك فريسة هواة كوميديا الأخطاء، لذلك عليك تصحيح الأخطاء الإملائية والأسلوبية والنحوية، تخلص منها بالتعلم واستشارة المختصين إن لزم الامر.
وهذا لا يعني استخدام كلمات معجمية صعبة، اعتني بكلماتك واستخدم لغة بسيطة يفهمها جمهورك.
10- الاستعجال في النشر دون المرور بمرحلة إعادة الكتابة
تشجع بعض دور النشر الكُتَّاب الشباب لنشر أعمالهم دون تدقيق، لا يهمها إلا عدد الكلمات، وتكلفة طباعة الصفحة، ولا تساعدهم بعرض مسوداتهم على لجان متخصصة للتقييم، خصوصا أنه ينشر على حسابه الشخصي، لذلك فإن أهم نصيحة توجه للكتاب في بداياتهم: ضرورة إعادة الكتابة واستشارة بعض القراء بالمسودات المتتالية.
هذه النصيحة يكررها معظم النقاد؛ فإعادة الكتابة هي الطريقة شبه الوحيدة لتحسين النص الأدبي والوصول به إلى حافة الكمال الفني.
فالنص المتولد من الكتابة الأولى هو بمثابة مخاض الفكرة، لنقلها من عالم الأفكار المجردة إلى عالم الوجود الفني المحسوس، بعدها يصبح النص مادة أولية، قابلة للتجويد والتعديل، والحذف والإضافة حتى يصل الكاتب لمرحلة الاقتناع بمادته الأدبية.
هذه أكثر الأخطاء شيوعًا التي يرتكبها الكثير من الأشخاص الذين يطمحون أن يصبحوا كتابا.
الجانب التطبيقي
قد تتساءل؛ الآن وقد عرفت أشهر الأخطاء الشائعة في كتابة القصة القصيرة، كيف أستفيد من ذلك؟
الوعي بهذه الأخطاء العشر، وغيرها يقوي الجانب الحساس منك ككاتب، لذلك عليك أن تكتب مسودتك الأولى لقصتك، أو روايتك بكل تلقائية وعفوية، وأثناء مراجعتها ستكون هذه القواعد، وتلك الأخطاء نصب عينك، حاول تجنبها، وكلما زاد التدريب والتمرين، فإن مسودتك الأولى ستخلو منها، وسيكون تركيزك على جوانب أخرى كزراعة التشويق وجمال المفردة وروعة البيان.
إذا اتبعت هذه الوصايا، والخطوات ستكتب قصة خالية من هذه الأخطاء، لكن قد تحتوي على أخطاء أخرى، لذلك احرص على استمرار في الكتابة وأخذ الأسباب الكفيلة بتعلمك من أخطائك ومع الوقت ستجد أن أكثر الأخطاء ستزول
ملاحظة: المقال هو إعادة تحرير لمقال “جولیس آرتر” بعنوان “تجنب الأخطاء العشرة الشائعة” في كتابة القصة بزيادة وتصرف بما يتناسب مع الكاتب العربي. في المقال المحرر عَمَّمَنا هذه الأخطاء على أي عمل السردي سوءا أكان رواية أو قصة Story أو قصة قصيرة.