
قرأت كتاب “لماذا نكتب؟” تحرير الكاتِبة والروائية الأمريكية “مريديث ماران”، وكان مادة مرجعية لاقتباسات في محتوى اصنعه على الانستغرام، كما قرأت بتمعن كل ما يتيحه محرك البحث غوغل تحت عنوان “لماذا نكتب؟”، ثم أدركت أن صيغة السؤال حديثة نسبيا، لكن هناك شذرات متناثرة في كتب التراث تجيب عنه دون مسائلة، وهذا ما دفعني للبحث عن أهمية طرح هذا السؤال.
في هذا المقال سأطرح سؤال: لماذا يسأل الصحفي الكاتب لماذا تكتب؟ ما هو الباعث والمحرض على لسؤال؟ قبل الشروع في الإجابة.
لماذا سؤال “لماذا نكتب؟” مهم وضروري؟
لماذا يُطرح هذا السؤال بهذه الكثافة على مرّ العصور؟، فقلما نجد أديبا أو كاتبا لم يُطرح عليه هذا السؤال، أو بعبارة أوضح؛ لماذا سؤال “لماذا نكتب؟” مهم؟
ماذا يستفيد الصحفي والقارئ من معرفة أجوبة الأدباء؟
تكمن أهمية سؤال لماذا نكتب؟ لمعرفة الأسباب والدوافع التي تجعل الكاتب يقضي الساعات الطويلة للبحث والتنقيب والوصف والترسيم والغوص في أعماق سحيقة والارتقاء إلى أعال شاهقة وهذا الجهد غالبا لا يؤتي أكله، قلة من الكتّاب تنعم بوفرة جراء الكتابة.
سؤالنا لهم لماذا تكتبون؟ محاولة لفهم خلطة الإبداع، وفهم دوافع الاستمرار بالكتابة دون قيد أو شرط، دون طمع أو خوف.
معرفة لماذا نكتب؟ مهم لمعرفة هل نحن كتاب أم لا؟
هل الكتابة لدينا متجذرة باللاوعي أم أنها رغبة سطحية، عابرة، وكل هذا بغض النظر إن كنت مبدعا في الكتابة أم لا؛ الأمران منفصلان فلا علاقة لمستواك الكتابي بكون الكتابة الوسيلة الوحيدة التي تمتلكها لتتعرف على ذاتك وتعبر عنها.
مستواك ينمو ويتطور من خلال ساعات التأمل الطويلة، والقراءة العميقة، والتدريب المستمر، وممارسة الكتابة وإعادة الكتابة.
لماذا نكتب؟
جميع الإجابات عن هذا السؤال، أرجعت الكتابة إلى دوافع ذاتية ووجودية، وأحيانا لأسباب مادية صرفة، ولعل إجابة جورج أورويل هي الأشمل، فقد عزى الكتابة النثرية إلى أربعة دوافع:
أولها: أنانية الكاتب وحبه لذاته، وللظهور أمام الآخرين بأنه الأذكى، وهذا برأي أورويل من أقوى الدوافع، إنه دافع “الإيجو” (EGO)، أما الدافع ثاني فهو مشاركة الجمال مع الآخرين، فيرى جورج أرويل أن أي كاتب لا يمكن أن يفتقد الحماس الجمالي، فحتى الكاتب رديء الإنتاج لديه محبة لمفردات وتراكيب لغوية معينة تشعره بالجمال، وهذا الدافع يختلف باختلاف الكتّاب، فنراه قويا عند بعضهم ويقل عند آخرين، غالبا يكون قويا عند كتّاب النثر الذين لديهم تجارب بكتابة الشعر.
الدافع الثالث بحسب أورويل هو “الحافز التاريخي” الذي يتجلى بالرغبة برؤية الأحداث التاريخية بعيون الكاتب، وتسجيل الأحداث الحالية للأجيال القادمة من وجهة نظره، فيتعصب لها ويتحمس لتوضيحها، وهي في النهاية دافعه للكتابة، ولعل هذا الدافع يرتبط بشكل وثيق بالدافع الرابع الذي أرجعه أورويل لأهداف سياسية للكاتب، فبعض الكتّاب لديهم طموح بتغيير أفكار الناس، ورغبة بتغيير مسار التاريخ إلى مسار آخر، مسار يرغبه الكاتب لتحقيق هدف يطمح إليه.
مقال جميل و مثري كالعادة، شكرا
يسعدنا قراءتكم للمقال وإعجابكم به كما نتمنى أن تشاركونا بأهم النقاط التي أعجبتكم. ونتطلع إلى اقتراحاتكم في المواضيع التي تهمكم في مجال تقنيات الكتابة.