
سؤال مطروح بكثافة على الإنترنت، بل إنه من الكلمات المفتاحية الأكثر بحثا على محرك البحث غوغل في مجال الكتابة الإبداعية.
ابحث في غوغل أو ضمن وسائل التواصل عن “كيف تكتب رواية؟” وستجد طيفا واسعا من الفيديوهات وصفحات ومجموعات الفيس بوك، ومنشورات الانستغرام، وفيديوهات التكتوك السريعة، وعند اطلاعك على عينة عشوائية من المحتوى المقدم تحت هذا العنوان الواسع ستجد بعض الفائدة الجزئية مبعثرة هنا وهناك. لكن إذا عدنا للسؤال بحد ذاته سنجد أنه سؤال مستفز، أو سؤال غبي لأنه يوحي بأن هناك طريقة مثالية واحدة لكتابة الرواية. ويتجاهل أن كتابة الرواية فن متجدد ومتنوع، ومتطور مع تطور الحياة، ولا يمكن حصره في قواعد أو خطوات ثابتة صالحة لكل زمان ومكان. حتى أشهر الروائيين، مثل أورهان باموك، وأمبرتو إيكو، وجورج أورويل، فيودور دوستويفسكي، ليو تولستوي لم يكن لديهم إجابة جاهزة عن هذا السؤال، أنما يتعلمون كتابة الرواية ويجربون ويتطورون بعد كل عمل ينتجونه.
الرواية مثل الشعر، لا يمكن أن تكون مثالية أو كاملة، هي محاولة للتعبير عن مشاعر وأفكار وخيالات لا تنضب ولا تتكرر، ولا تنتهي. ولو وجدت مثل هذه الرواية أو القصيدة المعبرة عن أفراح الإنسان وأتراحه، لما كان للإبداع معنى أو قيمة. فالإبداع الروائي هو محاولة الوصول إلى ما لم يصل إليه غيرنا. وبالطبع لن نصل كما لم يصل من سبقنا، وهكذا فالحياة متجددة، والإبداع متناغم مع عجلتها المتسارعة، وهذا ما يجعل الرواية والقصيدة مغامرة مثيرة وممتعة، للكاتب والقارئ على حد سواء.
فالشعراء والروائيون لا يستطيعون أن يعبروا بشكل كامل، وتام ونهائي عن المشاعر الإنسانية، والمعاني الذاتية العميقة، بل يقتربون منها، ويلامسونها، وهذا ما يجعل عجلة الإبداع تدور دون توقف، فنحن نسعى دائما للتعبير عن مشاعرنا المتنوعة …
مشاعرنا التي لا يزال العلم التجريبي الحديث يقف على أطرافها بخشوع معترفا أنه لا يملك الإجابة التامة والكاملة لتفسيرها، معترفا بعجزه عن إيجاد الإجابة الشاملة والنهائية لشرحها وتفسيرها.
كل ما سبق، لا يعني أن كتابة الرواية لا تحتاج إلى مهارة أو ممارسة أو تعلم. بل على العكس، فالروائي يحتاج إلى دراسة وتحليل ونقد الروايات الأخرى، والاستفادة من خبرات ونصائح الروائيين السابقين والحاليين، والتعرف على أساليب وتقنيات وأنواع الرواية، والتدرب على كتابة الرواية بانتظام وثبات، والاستماع إلى ردود الفعل والتعليقات على ما يكتب، والتحسين والتعديل والتطوير بناء عليها. وهذا ما سأحاول تزويدك فيه، في هذا الموقع، إذا كنت ترغب في ذلك.